
المغربية تيفي 24 بقلم: سيداتي بيدا
في صباح خانق من صباحات مراكش، وتحت سماء كانت تبدو هادئة على غير عادتها، أقدمت أيادٍ آثمة على فعل خسيس لا يليق بمدينة بحجم التاريخ ولا بحجم السمعة التي صنعتها بعرق ناسها.
حادث الاعتداء الشنيع الذي تعرّضت له الكاتبة الإيطالية نيكوليتا بورتولوتي ليس مجرد “نشالين” على متن دراجة نارية، بل هو صفعة في وجه كل ما تمثله المدينة من تراث وجمالية وسخاء إنساني. هذان المجرمان لم يسرقا حقيبة فقط؛ بل اعتقدا، بغبائهما، أنهما قادران على سرقة وجه مدينة كاملة.

لم يكن الهجوم مجرد لحظة خاطفة، بل فعل جبان مدروس: ملثمان يترصدان امرأة أعزل، يقتربان منها كذئبين، يشدان الحقيبة بعنف حتى يهوي جسدها إلى الأرض، تاركين خلفهما فوضى من الدم والذهول.
اعتقدا أن الفرار بدراجة مهترئة سيطوي الجريمة كما يطوي الغبار أثر العابرين، لكن مراكش ليست مدينة تسكت، وليست أرضاً يعلو عليها صوت منحرفين بلا ضمير.
إنّ سقوط الكاتبة الإيطالية ليس سقوط فرد؛ بل سقوط كرامة كل زائر وثق في هذه المدينة. وما حدث وللأسف ليس مجرد حادث سرقة، بل اعتداء صريح على أمن السياح، وعلى سمعة بلد يفتح أبوابه بعفوية وبلا حساب.
لكن الأخطر من الفعل نفسه هو أن تجرؤ هذه الوجوه المقنّعة على تحويل الأزقة التراثية إلى مسرح لوقاحة لا مكان لها بيننا.ومع ذلك، فإن سرعة تحرك السلطات أعادت شيئاً من التوازن لهذه الحكاية المرة.
توقيف المشتبه بهما لا يجب أن يُنظر إليه باعتباره النهاية، بل مجرد بداية لمرحلة يجب أن تكون أكثر حزماً.
المطلوب اليوم ليس فقط العقاب، بل عقاب يليق بفداحة الفعل؛ عقاب يردع كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الناس أو تشويه صورة مدينة لا تستحق إلا الاحترام.
إن مراكش مدينة تعيش على دفء أهلها قبل دفء شمسها، وكرم ناسها قبل بهرجة ساحاتها. وما وثّقته الضحية من تضامن تجار، ومارة، وسكان، ليس غريباً على المدينة الحمراء.
لكنه ليس كافياً. فالزائر يجب أن يشعر بالأمان لا بالتعاطف فقط. ويجب أن يتحرك الجميع سلطات، مجتمع، فعاليات لإعادة رسم الحدود الصارمة بين مراكش الحقيقية ومراكش التي يريد المنحرفون خلقها.
إن هذه الحادثة يجب أن تكون رسالة واضحة: هنا، في مراكش، لا مكان لقطاع الطرق، ولا مكان للملثمين الذين يقتاتون على الخوف. مدينة التاريخ لا تُختطف بحقيبة، ولا تهتز بجرذَيْن على دراجة.
وما حدث يجب ألّا يُنسى حتى تستعيد المدينة هيبتها كاملة، بلا خدش، بلا تردد، وبلا رأفة مع من اختار طريق الإيذاء.




















