
المغربيةتيفي24 *الكاتب كريم بناصر، باحث في العلاقات الدولية والعلوم السياسية.*
في حين تحل نهاية شهر أكتوبر 2025، تبدو قضية الصحراء المغربية واحدة من أهم العقد الدبلوماسية في شمال إفريقيا، على بعد خطوات من محطة أممية محورية. إنها لحظة تحمل فيها المملكة المغربيّة رهانات كبيرة، حيث تستعد لبلوغ مرحلة مفصلية في مسار الحل بقيادة الأمم المتحدة، فيما خيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يكتسب زخما متزايدا.
*التحول الدبلوماسي وانحسار “البديل الانفصالي”*على مدى السنوات الأخيرة، نجح المغرب في استثمار دبلوماسي وسياسي متنام من أجل تفعيل مشروعة الإقليمي، حتى باتت وسطاء ومراقبون دوليون يشيرون إلى أن مبادرة الحكم الذاتي أصبحت « الخيار الأكثر جدية وواقعية » في نظر العديد من الدول.
في المقابل، تجد جبهة البوليساريو نفسها تواجه عزوفا متزايدا عن الدعم الدولي، إذ لا تزال ترفض في شكل مطلق أي حل تحت السيادة المغربية، الأمر الذي يجعل مشروعها الاستقلالي يبدو أقل قدرة على الحركة.
ومن هذا المنطلق، تعد اللحظة الراهنة كفرصة تاريخية لـ « نهاية فعلية » لمسار البوليساريو باعتباره بديلا قابل التنفيذ، وفتح صفحة جديدة بنموذج مغربي تحت مظلة السيادة والتنمية.
*مواقف الأمم المتحدة وخيار الواقعية*تقود الأمم المتحدة ملف الصحراء عبر بعثة مينورسو، التي تم تمديد مهمتها حتى 31 أكتوبر 2025 بموجب القرار رقم 2756، ما يشير إلى أن نهاية هذا الامتداد تنطوي على دلالة رمزية وواقعية في آن واحد. بالإضافة إلى ذلك، في جلسات اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار، عبرت عدة دول عن تأييدها لخطة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها “أساسا واقعيا ومقبولا” لمعالجة النزاع.
هنا تكمن أهمية الظرف: إذ إن الوضع الدولي، بدرجات متفاوتة، بدأ يقرّ بأن الحل العميق لا يكمن في الاستمرار بلا تسوية، بل في انتقال إلى نموذج يحمل في طياته الاستقرار والتنمية.
*الأبعاد الجيوسياسية والجهوية*على صعيد شمال أفريقيا والغرب الإفريقي، بات المغرب لاعبا مركزيا في معادلات الأمن والتنمية، ما يمنحه دفعا إضافيا في قضيته الإقليمية. من جهة أخرى، يرى العديد من المحللين أن منطقة الصحراء المغربية تشكل اليوم بوابة نحو إفريقيا جنوب الصحراء أكثر من كونها مجرد جدار نزاع، إذ إنها تحظى بإمكانات استثمارية، لوجستية، وطاقة متجددة تجعلها نقطة جذب لشركاء دوليين.
هذا الربط يجعل من حق السيادة المغربية ليس فقط مطلبا سياسيا، بل فرصة استراتيجية.
كما أن التحول في مواقف بعض الدول نحو دعمه، من بينها دول أوروبية بارزة، يعكس بوضوح مناخا جديدا في العلاقات الدولية الخاصة بالمنطقة. *لماذا الآن؟ وما التالي؟*مع اقتراب انتهاء ولاية مينورسو في أكتوبر 2025، وحالة الضغط المتزايدة على إطار التسوية، يرى بعض الخبراء أن الباب مفتوح أمام تحول ملموس: إذ تمت الإشارة في العديد من التحاليل إلى أن « النافذة التاريخية » قد تكون متاحة الآن لإنهاء هذا النزاع البطئ.
إذا ما نجحت المملكة المغربية في دفع التصويت الأممي أو في الحصول على إعلان ضمني من الأمم المتحدة يعزز مبادرة الحكم الذاتي، فسيكون ذلك بمثابة إعلان عملي لـ «نهاية» مسار البوليساريو بالأسلوب الذي أصبحت فيه غير قادرة على فرض نفسها كطرف فاعل بديل.
في المقابل، التحدي أمام المغرب لا ينتهي عند اللحظة الدبلوماسية، بل يبدأ من تنفيذ الحكامة والتنمية في الأقاليم الجنوبية، وضمان أن تكون “الجغرافيا” إنجازا حقيقيا وليس مجرد شعارا.
*خاتمة*في المجمل، يبدو أن المملكة المغربية تقترب من تحقيق نصر دبلوماسي استراتيجي في ملف الصحراء، يستند إلى تلاق بين المبادرة الوطنية، والدعم الدولي المتنامي، وإرادة حقيقية للتسوية.
ومع نهاية أكتوبر 2025، تلوح في الأفق فرصة لإغلاق ملف طالما عرقل استقرار المنطقة، وبدء عهد حكم وشراكة جديدة في الصحراء المغربية تحت راية السيادة المغربية والتنمية المشتركة.




















